المسافران
الجزء الأول :
روي لنا "ديوجوبو" أحد
الحكماء الذين كان يشتغل كفلاح ، عزم ذات يوم على السفر إلى قرية بعيدة ، ليسلم
على أقاربه لم يسمع أخبارهم منذ زمن بعيد ، وطلب من إبنه مرافقته ليتعرف إلى
البلاد ، خصوصا كي يتعلم كيف يتصرف الناس ، حسبنا تقتضيه الظروف .
في الصباح الباكر ، وضع المسافران
كيسا صغيرا من الطعام يكفى لرحلتهم ، على
ظهر حمارهما ، ثم ركباه ، ومضيا نحو القرية .بعد بضع ساعات صادف الأب و ابنه جماعة
من الحطابين المنهمكين بتقطيع شجرة إستأصلوها منذ قليل ، ما أن رأي عمال الغابة
الخشنون الفتى و أباه ثاروا غضبا :
" قفا يا عديما المروءة ،ألا تفهمان أنكما تثقلان مع كيسكما على هذه
الدابة المسكينة ، التي حملتماها
أكثر من طاقتها ؟ لو كان في قلبيكما رحمة ، لما تصرفتما هكذا . ألا
تعرفان أن هذا الحمار هو من المخلوقات الله ، مثلكما ؟
حاول الأب شرح موقفه ، ولكن دون جدوى
:
"أيها العمال الشرفاء ، لا تحكموا علينا من مظهرينا ،
دابتنا أقوى مما تظنون ، سبق أن نقلت أحمالا أثقل منا ومن هذا الكيس الصغير "
.
رد الرجل الذي بدا انه رئيسهم ، بلهجة
أعنف :
"يا عديم الشفقة،ما تقوله ، لا
يمكن أن يواسي الحمار المسكين ،انزالا وتابعا شفركما على الأقدام . ذلك سيريح
الدابة المسكينة ،و إلا هلكت تعبا قبل أن تبلغا وجهتكما ".
استحسن الحطابون الأخرون بصخب ما قاله
صاحبهم للمسافرين ، و نعتوهما بكل الأوصاف
، نزل الرجل و ابنه عن الدابة ، إرضاء لهؤلاء المتذمرين .حمل الفتى الكيس على
كتفيه ، ومضيا مشيا أمام الحمار ، الذي تخلص من حمله فجأة ، دون أن يفهم لماذا أو
كيف . لكنه مع ذلك بدا سعيدا .
بعد ساعة من المشي ، صادف المسافران
رجلا يصطاد سمكا على ضفة النهر ،فاجأه المنظر فصاح مستغربا :