![]() |
قصة المسافران |
·
حاول الفلاح الاعتراض :
"لا ، لا ، لست عديم الشفقة ، على عكس
ما تعتقدن ، هذا الصبي هو إبني .صادفنا منذ قليل صياد سمك ونصحنا أن نفعل هكذا
".
·
ردت عليه إحداهن بعنف ، غاضبة
أكثر من الأخريات :
"ألا ترى ابنك يلهث من التعب وهو يمشي
خلفك؟ جسمه الرقيق لا يساعده على تحمل كل هذا الجهد . أفضل لك أن تفعل العكس . ماتزال شابا قويا .عليك النزول فورا عن
الحمار ، ليركب ابنك بدلا عنك ، هكذا يجب أن تتصرف كي تكمل الطريق ، فلا تضر بذلك
نفسك ، ولا يتضرر ابنك ".
إمتثل الأب مرة أخرى للنصيحة ، و قدمت لهما
الفتيات الماء ليشربا . ولما ارتويا ، واطمأنت نفساهما ، وقد ظنا أخيرا أن هذا هو
الحل الأفضل ، استأنف المسافران رحلتهما ، ولما بلغا طرف القرية ، صادفا جماعة من
الشيوخ ، جالسين تحت شجرة كبيرة ، وهكذا توقف الأب و ابنه لأداء واجب التحية .
ولكن ، ما أن انتهى تبادل التحية و السلام ، حتى وبخ أحد الشيوخ الابن بقسوة:
" ألا تعرف أداب السلوك أيها الفتى ؟
هل من تقاليد بلادنا أن يمشي الأب على الطريق ، ويتبختر ابنه على ظهر دابته ؟ أليس
عندك شفقة بوالدك؟ ألا تحس بخزي تصرفاتك ، الذي لا يليق بابن من واجبه محبة أبيه و
احترامه و مساعدته ؟ ".
خجل الولد ،وارتبك لما سمع هذا التأنيب
المصيب ،طأطأ رأسه ، ولم يعرف بماذا يجيب . و خاطب شيخ آخر الفلاح قائلا :
"أهكذا تلقن ابنك مبادئ الفضيلة ، التي
يجب أن يحملها الأبناء ، ويمارسوها في مثل هذه الظروف ؟ أهكذا فعل والدك معك ؟ بالطبع
، لم يعد الفلاح يعرف ماذا يقول : فكر طويلا قبل أن يجيب :
" أيها الشيوخ الأكارم ، أعترف بصواب
رأيكم ، لأني أحترم هذا الشيب على رؤوسكم ، فهو علامة الحكمة و الرصانة . مع ذلك ،
يجب أن أخبركم بكلام سبق هذا .فمنذ الفجر ، صادفنا أنا و ابني بعض الحطابين
العاقلين ، ثم صياد سمك فطنا ، وبعد ذلك
فتيات ساخطات ثم شيوخا حكماء . سلام عليهم جميعا و بارك الله فيهم . قال كل منهم
كلاما صادقا يناقض كلام الصدق الذي قيل بعده . و بفضل رحلتي هذه ، أصبحت أعرف شيئا
: " لا يستطيع أحد إرضاء كل الناس و إرضاء والده في الوقت نفسه ". هاكم
ما قررته : " لنركب حمارنا يا بني أنا و أنت ، لقد اشتريناه لهذا الغرض لنختم
سفرنا هكذا ".
وداعا أيها الأكارم ، شكرا لكم ، أنتم أيضا
، لأنكم هديتمونا إلى الحقيقة .
الجزء الاول : من هنا
الجزء الثاني : من هنا
كتابة : الشيكر ياسين ( تأليف سليمان جيغو ديوب)